الأربعاء، 22 فبراير 2012

رسالة مفتوحة للأراخنة الذين يحلمون فى التحكم فى القضاء بأسم المسيحية ( الجزء الأول ) -


مقدمة
ألى من يتصورون أن المسيحية هى ديانة يتيمة بلا أب فنصّبوا أنفسهم أباءَ لها.....
ألى من يحلمون بعرش يحكمون به العالم ...
ألى من يظنون أنهم بدلاء عن رؤساء الدول وقضاة المحاكم ومجالس التشريع وأرباب الأسر
إن كنتم تدّعون أنّكم باسم المسيح تتكلمون فهاتوا لنا برهان وكالتكم عنه .......
وإن كنتم تختطفون بعض التعبيرات الواردة فى الكتاب المقدس لتبرهنوا للناس علمكم به ، وإن ما تقتبسونه يعطيكم الحق فى لوى ذراع النصوص لتأكيد سيادتكم على المسيحيين فأنتم واهمون ....
بل ربما لستم سوى مرددين لدعاوى تلك  الطغمة التى تمكنت بدهاء من القبض على رقاب شعب شاء إلهه أن يخلقه حرآ ....
وسيبقى حرآ طالما تنبه لعدم السير فى ركابكم .

ومع شديد الأسف فأن هؤلاء مجرد متّبعون لخطى بعض السابقين ، فهناك تاريخ لهذه المحاولات للقفز على الشرعية على أكتاف الشعب المخدوع .
١ - تاريخ محاولات القفز على سيادة الله .
٢ - تاريخ محاولات القفز على سيادة كرسى الحكم الدنيوى .
٣ - تاريخ محاولات التحكم فى القضاء .
٤ - تاريخ محاولات أستعباد المسيحيين التابعين .
٥- تاريخ محاولات التنكيل بالمسيحيين المعارضين لهم فى الرأى .


الموضوع 

أولآ :- تاريخ محاولات القفز على سيادة الله 


من الواضح أن مؤسس المسيحية الأول " الرب يسوع المسيح " كان لديه علم ومعرفة لمستقبل المسيحية التى يرسى دعائمها ، حتى أنه فى مناسبات متعددة كان يحذر تابعيه من إقامة مجتمع جديد على أنقاض فكره كما تعمد الكتبة والفريسيون من إقامة كيان مميز على أنقاض فكر الله فى العهد القديم  ( راجع الأنجيل بحسب البشير متى ١٦ : ٥ - ١٢ ) 
5وَلَمَّا جَاءَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعَبْرِ نَسُوا أَنْ يَأْخُذُوا خُبْزًا. 6وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«انْظُرُوا، وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ». 7فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ:«إِنَّنَا لَمْ نَأْخُذْ خُبْزًا». 8فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ أَنَّكُمْ لَمْ تَأْخُذُوا خُبْزًا؟ 9أَحَتَّى الآنَ لاَ تَفْهَمُونَ؟ وَلاَ تَذْكُرُونَ خَمْسَ خُبْزَاتِ الْخَمْسَةِ الآلاَفِ وَكَمْ قُفَّةً أَخَذْتُمْ؟ 10وَلاَ سَبْعَ خُبْزَاتِ الأَرْبَعَةِ الآلاَفِ وَكَمْ سَّلاً أَخَذْتُمْ؟ 11كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ أَنِّي لَيْسَ عَنِ الْخُبْزِ قُلْتُ لَكُمْ أَنْ تَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ؟» 12حِينَئِذٍ فَهِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْ يَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْخُبْزِ، بَلْ مِنْ تَعْلِيمِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ.

 بالطبع لا يخفى على أى قارىء فطِن كيف أراد بإستخدامه ( الخمير) كأستعارة بلاغية تشير لفساد له أصول تعود لأزمنة سابقة عليه ، وكيف أن أثر هذا الفساد من الممكن أمتداده للمستقبل كذلك .
لذلك يخاطب تلاميذه محذرآ أياهم من ممارسات بعينها كان يرى فيها ذلك الأساس الذى عليه يُبنى أى أنحراف مستقبلى يمكن أن يُلم أو يحدث بالمسيحية ( راجع الأنجيل بحسب البشير متى ٢٣ : ١ - ٣٦ ) 
1حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَتَلاَمِيذَهُ 2قَائِلاً:«عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، 3فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ. 4فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ، 5وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ، 6وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، 7وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي! 8وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ. 9وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 10وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ. 11وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِمًا لَكُمْ. 12فَمَنْ يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ.
13«لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ. 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا. 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَب الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ. 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟ 18وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ. 19أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟ 20فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ! 21وَمَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ، 22وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ. 23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا. 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا. 29وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، 30وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ. 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ 34لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، 35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. 36اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هذَا الْجِيلِ!
37«يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا. 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».
 وواضح أنه يصف رجال ذلك العصر الآتى الذى يحذر التلاميذ من المساعدة أو المساهمة فى إقامته بما يلى :-
 
١ - يبتدعون ممارسات صعبة تجعل من المسيحية ديانة مليئة بالأعباء ( راجع عدد ٤ )  وبذلك يعطون لأنفسهم حق تشريع المزيد من النواهى والقيود بدلآ من الله وأعتبار تلك الأوامر مساوية ومعادلة للوحى الإلهى .
٢ - قبول تسميتهم بألقاب السيادة وتعليم تابعيهم أن ينادوهم بها بل أن يسلكوا سلوكآ يؤدى إليها ، مثل السجود الذى نهى الله عنه ألا له " متى ٤ : 
10 "حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ : «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». " (وراجع قوله فى العدد السابع والثامن من النص المذكور سلفآ ) .
٣ - أدعائهم الضمنى بيُتم الكنيسة ( وكأن الكنيسة قد صارت يتيمة بدونهم ) بالأنكار الفعلى للمعنى المتضمن فى الصلاة الربانية " أبانا الذى فى السموات .... ألخ "فيتلى ذلك النص دون التوقف عنده للسؤال من هو الأب كما يعلمنا المسيح مؤسس المسيحية ، وهذا التبنى المشبوه هو ما يتنبأ عنه المسيح فى العدد التاسع من النص المذكور سلفآ .
٤ - محاولتهم كسر مبدأ المساواة بين كافة المؤمنين حتى يكون لهم سيادة فوقية أو أكثر سموآ من الشعب تلك المكانة التى لا تجوز لغير الله ( لاحظ قوله وأنتم جميعآ إخوة عدد ٨ ، وقوله وأكبركم يكون خادمآ لكم فى عدد ١١ .
٥ - إحلال أنفسهم بديلآ عن الله فى قبول أو غلق باب القبول للناس الراغبين فى التمتع بالمجتمع الذى ينتمى لله ( ملكوت السموات )  بقوله تغلقون ملكوت السموات أمام الناس ( عدد ١٢ ) .
٦ - أبتداع النظام الذى أطلقوا عليه الأسرار الكنسية والذى يضمن أستمرار وساطتهم عن الشعب أمام الله حتى يكون هؤلاء هم الإله بحيث يظل هؤلاء بمثابة الإله المباشر المنظور للبشر الذين يشايعونهم .
 راجع موضوع خدعة الأسرار الكنسية فى مدونتى http://drelmenshaoi.blogspot.com/2010/07/blog-post_19.html . 
تاريخ هذا التحول
كان لرجال الدين فى العصر الوثنى ، حتى بين الأمة اليهودية ، كانت لهم مكانة رائدة فى المجتمع
(1) فكانوا ينالون من تابعيهم إحترامآ يرقى أحيانآ لدرجة السيادة أو التأليه ، وبالرغم من تحذير المسيح لأتباعه بعدم التحول لمشابهة هذه الأقوام فى طبيعة هذا الهيكل التنظيمى الذى شيدوه لأنفسهم ، إلآ أنهم وقوعوا فى براثن تقليد تلك النظم بعد فترة من الزمن بقدر كافِ  ، مع أنّهم كانوا ملتزمون إبان العصور التى أُطلق عليها بأسم عصور الأستشهاد(2) أو البدايات الأولى للمسيحية ، فتجد نفسك منبهرآ وأنت تقرأ العهد الجديد بلغة الخطاب الذى سادت فيه ، والموجهة للتلاميذ والرسل الأولين ، وعلى سبيل المثال لا الحصر أعمال٩ : ١٧ "فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ، لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». ولم يكن لقبه " الأخ " قاصر على فترة بداية أيمانه بل لازمه حتى نهاية حياته (3) راجع أعمال الرسل ٢١ : ١٨ - ٢٠  " 17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ، وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ:«أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. " رغم كونه " شيخ " راجع فليمون : ٩ " 9مِنْ أَجْلِ الْمَحَبَّةِ، أَطْلُبُ بِالْحَرِيِّ­ إِذْ أَنَا إِنْسَانٌ هكَذَا نَظِيرُ بُولُسَ الشَّيْخِ، وَالآنَ أَسِيرُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَيْضًا ­ ".
ويضلل هؤلاء تابعيهم بتعليمهم لهم أن بولس لم يكن بين رجال الدين مع أن كلمة قسيس فى اليونانية هى نفس الكلمة المترجمة شيخ (4).
ولما كان عصر أنتشار المسيحية فى مختلف البلدان ، كانت الأقلية التى تقبل الأيمان تعانى من الأضطهاد ، فلم تكن هناك ميزة تغرى رجل الدين المسيحى فى تعليم أتباعه بخصوص عظمة مكانته بينهم (5) حتى حل يوم ٢٨  من أكتوبر عام ٣١٢ حيث أنتصر الملك قسطنطينوس على خصمه مكسنتيوس ، بالقصة الشهيرة للراية المرسوم عليها الصليب ، ثم تحالف مع ليسنيوس أمبراطور الشرق وأصدرا معآ مرسومآ بنهاية عصر الأضطهاد وأعطاء حرية العبادة للمسيحيين ، مشمول بتكريم رفات الشهداء ( ومن الواضح أنه جاء للمسيحية مُحَمّلآ ببعض العقيدة الوثنية حيث لم يكن هناك ذكر قبل تلك الوثيقة لتكريم الرفات فى المسيحية ، والواقع أن هناك صلة فى ثقافة تلك الشعوب القديمة بين رفات السابقين ومكانة أو منزلة المجتمع المنتمين له فقد ساد التمثيل برفات المحتقرين وإجلال رفات الموقرين) وكان ذلك عام ٣١٣ م فى ميلانو، ثم كان مجمع نيقية  (6)  ، وقد قام بالدعوة له الأمبراطور قسطنطين شخصيآ  ، والصور المرسومة لأنعقاد هذا المجمع ترسم صورة الأساقفة المجتمعين وقد صار زيهم زيآ إمبراطوريآ مثل الأمبراطور شخصيآ ، ومن وقتها صار نجم رجال الدين فى المسيحية إلى صعود لم يكن يتخلله من كبوات ، سوى تلك الفترات من النزاعات التى كانت تحدث عقب مجمع خلقدونيه ، حيث كان الضغط يأتى عليهم من جانب أتباع الكرسى الغربى ، بدل أن كان من قبل بينهم وبين دين الدولة ، ومع ذلك فقد كانت صراعات لا تنتقص من قدر مكانة الأساقفة الذين صنعوا لأنفسهم كراسى مثل الأباطرة ، فقد ساد الأعتقاد بسمو كل واحد منهم فى مكان ولايته ، ولا سيما أنّه قد صارت مكانة أسقف الدولة بطريركآ من عصر نيقية 325 م وصارت هناك كراسى مُمَيَّزة لهؤلاء الأساقفة.
ولأن الفكر الرومانى ، وكذلك كان الفكر الأسكندرى ، السائد بين العامة فى العالم أنذاك يقوم بتأليه الحاكم - ألى حد ما - حيث كان عيد جلوس الحاكم على كرسيه مناسبةَ لذبح الأضاحى أو الذبائح فى هياكل مُشيَّدة للحاكم (7)، وكان القيام بهذا الطقس يهدف لأثبات ولاء الشعب لحاكمه أو مولاه ، لذلك كان بريق التأليه أكثر أغراءَ لرجال الدين منذ ذلك العصر فصاعدآ، من حيث أنهم عادلوا أنفسهم فى الأزياء والكراسى أى العروش على غرار الأباطرة . ( راجع الصورة أعلاه )  ­ 
 
ومن ثَمّ تجد فى مجمع ترولو ٩٦١ م ، القانون ١٠٢ حيث أسند للكاهن مهمة تقبل الأعترافات ( بدلآ من الله ....... الذى كان النبى داود يخاطبه بقوله فى مزمور٣٢ : ٥ " أعترف لك بخطيتى ولا أكتم أثمى .قُلتُ أعترف للرب بذنبى وأنت رفعت آثام خطيتى . ٦ لهذا يصلى لك كل تقى فى وقت يجدك فيه "  وتحول الأعتراف من الله لما أطلقوا عليه لقب " كاهن " . ثم عضد المجمع اللاترانى هذا التوجه ومنح رجال الدين مزيد من السلطات وأيدَّهُ المجمع التريدنتينى من بعد عام ١٥٥٤ م ، ولكن لم يستقر العمل بفكرة الأسرار فى كنيسة الأسكندرية قبل عام ١٥٦٤ حيث توجد مخطوطة " نزهة النفوس " وهى أول مخطوطة تطلق تسمية " الأسرار" على تلك الممارسات فى كنيسة الأسكندرية .
ومن الظاهر حسب العديد من الدراسات أن الظروف التى مرت بها الكنيسة المسيحية سياسيآ وثقافيآ كان لها أثرها البالغ فى تعظيم مكانة رجال الدين ، وأسترجاع الشكل الفولكلورى للسجود لهم حتى صاريشبه نفس النمط المتوَارث منذ عهد الفراعنة للسجود للتماثيل التى تمثل الآلهة ، والسجود للفرعون وللكهنة الوثنيين.
إنّ المسيحية ليست يتيمة ........ لأن إلهها حى .....وهو الأب الحقيقى الذى فى السموات ، ولا يوجد إنسان مهما كانت مكانته يحل محل المسيح فى إصدار تعاليم مستجدة للمجتمع بخصوص الديانة
فقد سبق الله أن أرساها وتم أستقرارها وممارستها فى عصر كتابة سفر اعمال الرسل الذى يعكس طبيعة ذلك الأستقرار التنظيمى وكل ما يقرره البشر ، بعد ذلك العصر ، لا يتعدى كونه من قبيل الآراء الشخصية الأنسانية البشرية التى لا يجوز قسر الناس على تبنيه فهو فكر غير شرعى ولا يُعَبِّرُ عن أمر إلهى ، بل هو حتمآ يخرج بالديانة عن جادة الصواب متى كان رأيه مؤسسآ على ما يتواتر من أقوال أو تعاليم من يُطلَقُ عليهم لقب " آباء" ،لأن أبو الديانة والفكر فى المسيحية هو الله وحده وليس غيره ، فلم يوكل أحدآ ليتبنى الناس نيابة عنه ليبتكر للبشر آراء أوتشريعات أوأفكار أوأوامر لم يصدرها الله بنفسه وبذاته من قبل ، فما دام هو الله فهو الأعلم بالأوامر الصالاحة للأنسان فى كل عصور حياته على مر القرون وفى كل مكان .
سوف نوالى لاحقآ الحديث عن محاولات هؤلاء للتحكم فى التشريع والقضاء ، وعلى المجتمع المسيحى ، وعلى المسيحون كأفراد ، وعن إدعائهم السلطة لأستبعاد الآخرين من مراحم الله الواسعة .


المراجع

 ٌ  (1) R.Brinker , " The Influence of Csnctuaries in Early Israel" 1946

(2) تاريخ الكنيسة " يوسابيوس القيصرى "

(3) C.A.A.Scott " Christianity according to Saint Paul" 1927

(4) باللغة اليونانية      πρεσπτερος

(5) K. Lake , " The Beginnings of Christianity " 5 vols., 1933

(6)W.M.Ramsay.," The Church in The Roman Empire " 1893

(7)C.H.Dodd, "The Apostolic Preaching and its Development " 1936 
د.ق.جوزيف المنشاوى

ليست هناك تعليقات: