الأربعاء، 24 أغسطس 2011

نحو حوار دينى رشيد (2) السلام

عندما يشن الناس حروبآ بأسم الدين وينعدم السلام بين الأمم بسبب حمى مريضة أصابت قلوب الناس وعقولهم ، وجعلتهم يضلون سواء السبيل لأعلان وأعلاء الله ، السلام على البشرية ، مما يدعونا لأدراك أن هناك خطأ قاتلآ ، وحمى فتاكة تعصف بسلامة القوى العقلية لدى أفراد الشعوب .
والمفارقة العجيبة فى هذا الأمر ، أن يكون الشرق مهبط الأديان ، هو بؤرة تفشى هذا المرض الفتاك.
هناك فارق بين كلمة المسيحية وكلمة المسيحيون ، فالمسيحية بوصفها مبادىء وفكر وروح تختلف نسبة تغلغلها بين المنتمين لها من فرد لآخر ، شأنها فى ذلك شأن كل الديانات ، والمبادىء الأخلاقية السامية، وهى تعلن بوضوح نوعين من السلام  (1) سلام مع الله فيه سلام مع النفس ويحض على السلام مع الآخر وهوذو قطبين ، أو أتجاهين
(2) سلام مع االبشر يعززه وجود السلام مع الله والسلام مع النفس وهو يعتمد على قطب واحد أو أتجاه واحد أصيل.
                      أولآ :- السلام مع الله
فيقول فى رومية 5 :1فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ
فهو سلام مع الله سبحانه وتعالى ، وهو عبارة عن تلك الحالة من السكينة التى تنتاب النفس نتيجة لراحة الضمير ، والأطمئنان لوجود علاقة قوية مع الله مبنية على الأيمان بمحبته ، وغفرانه ، وعفوه عن العباد .
فهو أذآ له أتجاهين أو قطبين سلام متجه من الله للنفس ، وسلام متجه من النفس نحو العلاقة مع الله ، فكل من الله والأنسان كليهما مرسل ومستقبل للسلام .
 فلقد قالت الملائكة عند ولادة المسيح عليه وبه وفيه السلام " المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة لوقا 2 : 14 ".
فبولادته حل السلام حيث كان يدعو للسلام فى علاقة الأنسان مع ربه .

فها هو يتكلم فى يوحنا 16 : 33 قائلآ "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ».
 ومن الجلى الواضح فى هذا النص أنه لا يتحدث عن حالة من السلام بوصفه سلام على أرض الواقع المعاش ، وأنما سلام داخلى لا يتأثر بهذا الواقع الذى ليس فيه سلام ، فهو سلام مع الله يوجد فى وجدان المؤمن نحو الله ، ناتج من سلام الضمير ، واليقين بأن مقاصد الله أو أرادته صالحة ومرضية وكاملة ،  فيأتيه السلام من خلال الأيمان به ومنه .
ويقول كذلك فى يوحنا 14 : 27  «سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.
هو سلام متميز أذآ، يأتى من الله للعبد ، ويخرج من قلب العبد نحو الله فى سكينة للنفس وأطمئنان كامل ، وليس لهذا السلام مثيل فيما تعارف عليه البشر ، هذا السلام الذى يجعل المؤمنين فى حالة من الثقة ، رغم كل الظروف والأحوال .

هذا السلام المتميز لا يمكن أن يشعر به الأشرار كما يقول فى أشعياء 48 : 21 ، 22 "وَلَمْ يَعْطَشُوا فِي الْقِفَارِ الَّتِي سَيَّرَهُمْ فِيهَا. أَجْرَى لَهُمْ مِنَ الصَّخْرِ مَاءً، وَشَقَّ الصَّخْرَ فَفَاضَتِ الْمِيَاهُ. 22لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ». هو أذآ أحساس داخلى بالأطمئنان لله ، فهو سلام بالله وفى الله ومن الله وبواسطة الله مما يدعو المؤمن للركون أليه والثقة فيه ، فقد قال كذلك فى أشعياء 43 : 1 ، 2  «لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي. 2إِذَا اجْتَزْتَ فِي الْمِيَاهِ فَأَنَا مَعَكَ، وَفِي الأَنْهَارِ فَلاَ تَغْمُرُكَ. إِذَا مَشَيْتَ فِي النَّارِ فَلاَ تُلْذَعُ، وَاللَّهِيبُ لاَ يُحْرِقُكَ. 
لم يعلم المسيح " عليه السلام " تلك التعاليم كنظرية تفتقر للتطبيق ، بل طبقها عمليآ أمام حوارييه ومريديه فها هو يبادر العسكر الرومان الذين أذاقوه العذاب والجلد والضرب بقوله فى لوقا 23 : 34 "
فَقَالَ يَسُوعُ: «يَاأَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ». وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا.
 أن تلك القساوة والكراهية التى واجهه بها البشر لم تستطع أن تنزع منه السلام .

وفى متى8 : 23 - 27 يقول "وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ تَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. 24وَإِذَا اضْطِرَابٌ عَظِيمٌ قَدْ حَدَثَ فِي الْبَحْرِ حَتَّى غَطَّتِ الأَمْوَاجُ السَّفِينَةَ، وَكَانَ هُوَ نَائِمًا. 25فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ:«يَا سَيِّدُ، نَجِّنَا فَإِنَّنَا نَهْلِكُ!» 26فَقَالَ لَهُمْ:«مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟» ثُمَّ قَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ، فَصَارَ هُدُوء عَظِيمٌ. 27فَتَعَجَّبَ النَّاسُ قَائِلِينَ:«أَيُّ إِنْسَانٍ هذَا؟ فَإِنَّ الرِّيَاحَ وَالْبَحْرَ جَمِيعًا تُطِيعُهُ!».
لقد كان ينام قرير العين ، فى سفينة تعذبها الأمواج يتصايح ربابانتها هلعآ وخوفآ .

لأن الأيمان فيه كان سر ذلك السلام فهو سلام مع الله ، يرتد الى الله ركونآ وأتكالآ عليه .السلام مع الله فيه تنعم النفس فى سلام مع النفس نتيجة الرضا ، وينتج عنه العمل الفعال لعمل السلام مع الآخرين .
           ثانيآ :-  السلام مع البشر
هذا السلام هو أحادى القطب أو ذو أتجاه واحد ، فيه يكون المسيحى مطالبآ بعمل السلام مع الآخرين بغض النظر عن رد فعلهم بالقبول أو الرفض ن فقد قال المسيح فى متى 5 : 9 "طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ " . 
فلكى نكون أبناءآ له أى مؤمنين به يجب أن نعمل السلام مع الآخرين ونصنعه ، حتى لو لم نلاقى منهم سلامآ مثلما نفعل نحن فها هو يكمل كلامه فى الآيات 10 ، 11 ، 12 قائلآ :- "طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ. 12اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ.
ففى النص نجد أن رد فعل البشر كان بعدم الأستجابة للسلام بل بالخصام والطرد والتنكيل  ، فحسب المؤمن أن يكون عمله صالحآ لأن أجره على الله ومن الله أما التنكيل فهو فخر ، لأنه يزيد أجر المؤمن بحسبانه مع سائر الأنبياء والمرسلين الذين واجهوا عنت ورفض الناس لرسالتهم المباركة .
 ولذلك يقول فى متى 5 : 38 - 48 "
«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.

43«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. 46لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟ 47وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟ 48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.
أنه كسر لدائرة العنف ، وتجنبآ لتأجيج الصراع لعنف وعنف مضاد ...ألخ ، وتعلمآ من الله عز وجل الذى يصنع الخير لكل البشر من الأخيار والأشرار.
ألا أن هناك من فهم تعليم المسيح على نحو خاطىء ، وهو القارىء الذى ليست له دراية بتعاليم المسيح عندما يقتطف الكلمة دون أعتداد لمعناها فى النص ، فمنهم من يخطىء فى فهم النص الموجود فى متى 10 : 34 "
لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا " ويظنونها دعوة لحمل السيف ، لكن تعليم المسيح ليس فيه حمل لسيف ، أو رد لأعتداء ، بل تسليم لله وللقانون الوضعى ، فالنص فى موضعه تكتمل صورته من عدد 24 - 42 وهو كما يلى :- 
"«لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ، وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. 25يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدْ لَقَّبُوا رَبَّ الْبَيْتِ بَعْلَزَبُولَ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَهْلَ بَيْتِهِ! 26فَلاَ تَخَافُوهُمْ. لأَنْ لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ. 27اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ، 28وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ. 29أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. 30وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. 31فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ! 32فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، 33وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.

34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. 35فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. 37مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، 38وَمَنْ لاَ يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُني فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي. 39مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. 40مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي، وَمَنْ يَقْبَلُني يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 41مَنْ يَقْبَلُ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارًّا بِاسْمِ بَارّ فَأَجْرَ بَارّ يَأْخُذُ، 42وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ».
ويتضح من النص أنه يتحدث عن السيف الذى سيشهره الآخرون فى وجه من يؤمنون به بسبب هذا الأيمان أى بسبب المسيح ، وليس بواسطة المسيحى ، فالمسيحى عليه أن يتوقع جحود الناس وعدم ردهم على السلام بالسلام ، بل بالسيف ، مثلما فعلوا مع المسيح ، فليس العبد أفضل من سيده ، كما يقول فى بداية النص ، فعليه توقع العداء حتى من أقرب الأقربين له ، لكن عليه أن يقابل هذا العداء بالحب وهذا الشر بالسلام .
وها هو ينه ويمنع كبير حوارييه عن أستخدام السيف ، وقد كان بطرس يحمل السيف بصورة طبيعية بحكم عمله ومهنته لمجابهة الضوارى ، وقد أستخدم سيفه أمام المسيح فقطع أذن أحد الذين جاءوا للقبض على المسيح وتعذيبه ، ولكن المسيح بعد شفاءه لتلك الأذن المقطوعة ( وهنا مثال عن رد الأساءة بالأحسان ) وجه حديثه لبطرس على النحو التالى :-
فى متى 26 : 51 - 53 "وَإِذَا وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَ يَسُوعَ مَدَّ يَدَهُ وَاسْتَلَّ سَيْفَهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، فَقَطَعَ أُذْنَهُ. 52فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ! 53أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ 54فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟».
لقد قال مقولته الشهيرة " رد سيفك ألى مكانه لأن كل الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون " كم من ضحايا للثأر ، العنف والعنف المضاد ، تمر أجيال على عائلات تحمل الثأر والكراهية وعدم السلام فى أفئدة أبنائها جيلآ بعد جيل ، ويمضى كل جيل بضحاياه من الجانبين ؟
أن السلام الذى من الله ، والسلام الذى يجب أن نصنعه للأخرين هو حكمة السماء لكسر دائرة العنف ، وتأكيدآ للأيمان بقوة الله وقدرته ، وتسليمآ للسلام الأجتماعى الذى يحكمه قانون المجتمع ، دون أفتئات على السلطات .
فالذى يؤمن أن الله قوى وقادر وعادل فليس عليه ألا أن يصنع السلام مع الآخر حتى لو كان عدوآ .
 أن الله هو الذى يحمى الأنسان وليس الأنسان هو الذى يحمى الله .
ولا ينقطع حديث الأنجيل عن السلام وصنعه والمحبة ، والدعوة لتنقية الذات من الكراهية والشر .
د.ق.جوزيف المنشاوى

ليست هناك تعليقات: